Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النور - الآية 39

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) (النور) mp3
هَذَانِ مَثَلَانِ ضَرَبَهُمَا اللَّه تَعَالَى لِنَوْعَيْ الْكُفَّار كَمَا ضَرَبَ لِلْمُنَافِقِينَ فِي أَوَّل الْبَقَرَة مَثَلَيْنِ نَارِيًّا وَمَائِيًّا وَكَمَا ضَرَبَ لِمَا يَقَرّ فِي الْقُلُوب مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْم فِي سُورَة الرَّعْد مَثَلَيْنِ مَائِيًّا وَنَارِيًّا وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى كُلّ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعه بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة . فَأَمَّا الْأَوَّل مِنْ هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ فَهُوَ لِلْكُفَّارِ الدُّعَاة إِلَى كُفْرهمْ الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء مِنْ الْأَعْمَال وَالِاعْتِقَادَات وَلَيْسُوا فِي نَفْس الْأَمْر عَلَى شَيْء فَمَثَلهمْ فِي ذَلِكَ كَالسَّرَابِ الَّذِي يُرَى فِي الْقِيعَان مِنْ الْأَرْض عَنْ بُعْد كَأَنَّهُ بَحْر طَامّ وَالْقِيعَة جَمْع قَاع كَجَارٍ وَجِيرَة وَالْقَاع أَيْضًا وَاحِد الْقِيعَان كَمَا يُقَال جَار وَجِيرَان وَهِيَ الْأَرْض الْمُسْتَوِيَة الْمُتَّسِعَة الْمُنْبَسِطَة وَفِيهِ يَكُون السَّرَاب وَإِنَّمَا يَكُون ذَلِكَ بَعْد نِصْف النَّهَار وَأَمَّا الْآل فَإِنَّمَا يَكُون أَوَّل النَّهَار يُرَى كَأَنَّهُ مَاء بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض فَإِذَا رَأَى السَّرَاب مَنْ هُوَ مُحْتَاج إِلَى الْمَاء يَحْسَبهُ مَاء قَصَدَهُ لِيَشْرَب مِنْهُ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَيْهِ " لَمْ يَجِدهُ شَيْئًا" فَكَذَلِكَ الْكَافِر يَحْسَب أَنَّهُ قَدْ عَمِلَ عَمَلًا وَأَنَّهُ قَدْ حَصَّلَ شَيْئًا فَإِذَا وَافَى اللَّه يَوْم الْقِيَامَة وَحَاسَبَهُ عَلَيْهَا وَنُوقِشَ عَلَى أَفْعَاله لَمْ يَجِد لَهُ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ قَدْ قُبِلَ إِمَّا لِعَدَمِ الْإِخْلَاص أَوْ لِعَدَمِ سُلُوك الشَّرْع كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَنْثُورًا " وَقَالَ هَهُنَا " وَوَجَدَ اللَّه عِنْده فَوَفَّاهُ حِسَابه وَاَللَّه سَرِيع الْحِسَاب " وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَغَيْر وَاحِد . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ يُقَال يَوْم الْقِيَامَة لِلْيَهُودِ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَعْبُد عُزَيْر اِبْن اللَّه . فَيُقَال كَذَبْتُمْ مَا اِتَّخَذَ اللَّه مِنْ وَلَد مَاذَا تَبْغُونَ ؟ فَيَقُولُونَ يَا رَبّ عَطِشْنَا فَاسْقِنَا فَيُقَال أَلَا تَرَوْنَ ؟ فَتُمَثَّل لَهُمْ النَّار كَأَنَّهَا سَرَب يُحَطِّم بَعْضهَا بَعْضًا فَيَنْطَلِقُونَ فَيَتَهَافَتُونَ فِيهَا وَهَذَا الْمِثَال مِثَال لِذَوِي الْجَهْل الْمُرَكَّب فَأَمَّا أَصْحَاب الْجَهْل الْبَسِيط وَهُمْ الطِّمَاطِم الْأَغْشَام الْمُقَلِّدُونَ لِأَئِمَّةِ الْكُفْر الصُّمّ الْبُكْم الَّذِي لَا يَعْقِلُونَ فَمِثْلُهُمْ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • المنهج في التعامل مع المنتكسين

    المنهج في التعامل مع المنتكسين : فقد كثرت طرق الانتكاس، وقلت معرفة الناس بطرق التعامل معها وأنواعها، وفي هذا الكتاب تجلية وإبراز لهذه المسألة.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166819

    التحميل:

  • الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية

    الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية: كتاب لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان - رحمه الله - شرح فيه الأبواب الفقهية على طريقة السؤال والجواب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2586

    التحميل:

  • مختصر تفسير ابن كثير [ عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير ]

    مختصر تفسير ابن كثير [ عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير ] : هذا مختصر تفسير ابن كثير للشيخ أحمد شاكر، وقد حافظ المختصر على ميزات الأصل، وهي: تفسير القرآن بالقرآن، وجمع الآيات التي تدل على المعنى المراد من الآية المفسرة أو تؤيده أو تقويه، ثم التفسير بالسنة الصحيحة، ثم ذِكْرُ كثير من أقوال السلف في تفسير الآي. وحذف أسانيد الأحاديث مكتفياً بذكر الصحابي وتخريج ابن كثير له، كما حذف كل حديث ضعيف أو معلول – في تقديره طبعاً –، وحذف المكرر من أقوال الصحابة والتابعين اكتفاء ببعضها، وحذف الأخبار الإسرائيلية وما أشبهها، وما أطال به المؤلف من الأبحاث الكلامية والفروع الفقهية، والمناقشات اللغوية واللفظية مما لا يتصل بتفسير الآية اتصالاً وثيقاً. واقتصر في الأحاديث الطويلة والأحداث التاريخية المطولة على موضع الشاهد منها. وقد حافظ المختصر على آراء الحافظ المؤلف وترجيحاته في تفسير الآيات، مجتهداً في إبقاء كلامه بحروفه ما استطاع.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141382

    التحميل:

  • تذكرة الصوَّام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام

    تذكرة الصوَّام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام: قال المؤلف: «فهذه تذكرةٌ مُوجَزة بشيءٍ من فضائل الصِّيام والقِيام، وما يتيسَّر ممَّا يتعلَّق بهما من أحكام، جمعتُها لنفسي من كتب مشايخي، ومَنْ سَلَف من أهل العلم - جزاهم الله خيرًا، وضاعَف مَثُوبَتهم - وأحبَبتُ أن ينتَفِع بها مَن شاء الله من إخواني المسلِمين؛ تبليغًا للعلم، وقيامًا بواجب النصيحة، وسمَّيتها: «تذكرة الصُّوَّام بشيءٍ من فضائل الصِّيام والقِيام وما يتعلَّق بهما من أحكام».

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330342

    التحميل:

  • بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها

    بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها: رسالة قيمة فيها ذِكْر لأصول عقيدة أهل السنة والجماعة إجمالاً، وذكر مفهوم العقيدة، ومن هم أهل السنة والجماعة، وأسماؤهم وصفاتهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1964

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة