Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 231

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) (البقرة) mp3
هَذَا أَمْر مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِلرِّجَالِ إِذَا طَلَّقَ أَحَدهمْ الْمَرْأَة طَلَاقًا لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ رَجْعَة أَنْ يُحْسِن فِي أَمْرهَا إِذَا اِنْقَضَتْ عِدَّتهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا مِقْدَار مَا يُمْكِنهُ فِيهِ رَجْعَتهَا فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكهَا أَيْ يَرْتَجِعهَا إِلَى عِصْمَة نِكَاحه بِمَعْرُوفٍ وَهُوَ أَنْ يَشْهَد عَلَى رَجْعَتهَا وَيَنْوِي عِشْرَتهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُسَرِّحهَا أَيْ يَتْرُكهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهَا وَيُخْرِجهَا مِنْ مَنْزِله بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن مِنْ غَيْر شِقَاق وَلَا مُخَاصَمَة وَلَا تَقَابُح قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا" قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَمَسْرُوق وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالرَّبِيع وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَغَيْر وَاحِد : كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق الْمَرْأَة فَإِذَا قَارَبَتْ اِنْقِضَاء الْعِدَّة رَاجَعَهَا ضِرَارًا لِئَلَّا تَذْهَب إِلَى غَيْره ثُمَّ يُطَلِّقهَا فَتَعْتَدّ فَإِذَا شَارَفَتْ عَلَى اِنْقِضَاء الْعِدَّة طَلَّقَ لِتَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّة فَنَهَاهُمْ اللَّه عَنْ ذَلِكَ وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ " وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه " أَيْ بِمُخَالَفَتِهِ أَمْر اللَّه تَعَالَى . وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا " قَالَ اِبْن جَرِير : عِنْد هَذِهِ الْآيَة أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْب أَخْبَرَنَا إِسْحَاق بِنَّ مَنْصُور عَنْ عَبْد السَّلَام بْن حَرْب عَنْ يَزِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي الْعَلَاء الْأَزْدِيّ عَنْ حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَضِبَ عَلَى الْأَشْعَرِيِّينَ فَأَتَاهُ أَبُو مُوسَى فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه أَغَضِبْت عَلَى الْأَشْعَرِيِّينَ ؟ فَقَالَ " يَقُول أَحَدكُمْ قَدْ طَلَّقْت قَدْ رَاجَعْت لَيْسَ هَذَا طَلَاق الْمُسْلِمِينَ طَلِّقُوا الْمَرْأَة فِي قُبُل عِدَّتهَا " ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي خَالِد الدَّلَّال وَهُوَ يَزِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن وَفِيهِ كَلَامٌ . وَقَالَ مَسْرُوق : هُوَ الَّذِي يُطَلِّق فِي غَيْر كُنْهه وَيُضَارّ اِمْرَأَته بِطَلَاقِهَا وَارْتِجَاعهَا لِتَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّة . وَقَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَالرَّبِيع وَمُقَاتِل بْن حَيَّان : هُوَ الرَّجُل يُطَلِّق وَيَقُول : كُنْت لَاعِبًا أَوْ يُعْتِق أَوْ يَنْكِح وَيَقُول كُنْت لَاعِبًا فَأَنْزَلَ اللَّه " وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا " فَأَلْزَم اللَّه بِذَلِكَ . وَقَالَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الصَّيْرَفِيّ حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد السِّمْسَار عَنْ إِسْمَاعِيل بْن يَحْيَى عَنْ سُفْيَان عَنْ لَيْث عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : طَلَّقَ رَجُل اِمْرَأَته وَهُوَ يَلْعَب لَا يُرِيد الطَّلَاق فَأَنْزَلَ اللَّه " وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا " فَأَلْزَمَهُ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّلَاق . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا عِصَام بْن رَوَّاد حَدَّثَنَا آدَم حَدَّثَنَا الْمُبَارَك بْن فَضَالَة عَنْ الْحَسَن هُوَ الْبَصْرِيّ قَالَ كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق وَيَقُول : كُنْت لَاعِبًا وَيُعْتِق وَيَقُول : كُنْت لَاعِبًا وَيَنْكِح وَيَقُول : كُنْت لَاعِبًا فَأَنْزَلَ اللَّه " وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا " . وَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ نَكَحَ أَوْ أَنْكَحَ جَادًّا أَوْ لَاعِبًا فَقَدْ جَازَ عَلَيْهِ " . وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيّ عَنْ سُلَيْمَان بْن أَرْقَم عَنْ الْحَسَن مِثْله وَهَذَا مُرْسَل وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن عُبَيْد عَنْ الْحَسَن عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء مَوْقُوفًا عَلَيْهِ . وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أَيُّوب حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن أَبِي يَعْقُوب حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن عَبْد الْحَمِيد حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَلَمَة عَنْ الْحَسَن عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى " وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا " . قَالَ : كَانَ الرَّجُل عَلَى عَهْد النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول لِلرَّجُلِ زَوْجَتك اِبْنَتِي ثُمَّ يَقُول : كُنْت لَاعِبًا وَيَقُول : قَدْ أَعْتَقْت وَيَقُول : كُنْت لَاعِبًا فَأَنْزَلَ اللَّه" وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا " . فَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ثَلَاث مَنْ قَالَهُنَّ لَاعِبًا أَوْ غَيْر لَاعِب فَهُنَّ جَائِزَات عَلَيْهِ الطَّلَاق وَالْعَتَاق وَالنِّكَاح " وَالْمَشْهُور فِي هَذَا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن حَبِيب بْن أَدْرَكَ عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن مَاهَكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ثَلَاث جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ " وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَسَن غَرِيب . وَقَوْله " وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ " أَيْ فِي إِرْسَاله الرَّسُول بِالْهُدَى وَالْبَيِّنَات إِلَيْكُمْ " وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة " أَيْ السُّنَّة " يَعِظُكُمْ بِهِ " أَيْ يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ وَيَتَوَعَّدكُمْ عَلَى اِرْتِكَاب الْمَحَارِم " وَاتَّقُوا اللَّه " أَيْ فِيمَا تَأْتُونَ وَفِيمَا تَذَرُونَ " وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " أَيْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أُمُوركُمْ السِّرِّيَّة وَالْجَهْرِيَّة وَسَيُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • حديث الثقلين بين السنة والشيعة

    حديث الثقلين بين السنة والشيعة : إن علماء الشيعة - هدانا الله وإياهم إلى الحق فهموا من حديث الثقلين بأن أهل السنة لا يتبعون أهل البيت، ولم يتمسكوا بما جاءوا به، بل اتبعوا أعداءهم! ولكي تنكشف لك الحقيقة ويُزال هذا اللبس، وليتبين لك من يحب أهل البيت ويواليهم، ومن يبغضهم ويعاديهم كانت هذه الرسالة، والتي بينت من هم آل البيت؟، ثم بينت معنى التمسك بالثقلين عند أهل السنة، ثم بيان العمل بحديث الثقلين بين السنة والشيعة. - قدم للرسالة: الشيخ صالح بن عبدالله الدرويش.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/286905

    التحميل:

  • الإرشادات الجليَّة في القراءات السبع من طريق الشاطبية

    الإرشادات الجليَّة في القراءات السبع من طريق الشاطبية: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «لما رأيتُ طلاب معاهد القراءات وطلاب المعاهد الأزهرية، وسائر المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية في حاجةٍ إلى كتابٍ في القراءات السبعِ يُعينُهم على إعداد دٌروسهم، وضعتُ هذا الكتابَ، وسمَّيتُه: «الإرشادات الجليَّة في القراءات السبع من طريق الشاطبية». وقد سلكتُ في ترتيبِهِ ونظامِهِ المسلكَ الذي اتبعتُه في كتابي: «المُهذَّب في القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر»، فذكرتُ كل رُبعٍ من القرآن الكريم على حدةٍ، مُبيِّنًا ما فيه من كلماتِ الخِلاف كلمةً كلمةً، مُوضِّحًا خلافَ الأئمة السبعةِ في كلٍّ منها، سواء أكان ذلك الخِلافُ من قَبيلِ الأُصول أم من قَبيل الفَرشِ. وبعد الانتهاءِ من بيان القراءات أذكُر الدليلَ على الكلماتِ الفَرشيَّةِ من متن «الشاطبية» للإمام أبي القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الضرير الشاطبي الأندلسي - رضي الله عنه -، المولود سنة 538 هـ، والمُتوفَّى سنة 590 هـ. وبعد الانتهاء من الرُّبعِ على هذا النحو أذكُر المُقلَّل والمُمال، ثم المُدغَم بقسمَيْهِ الصغيرِ والكبيرِ».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384390

    التحميل:

  • مواضيع تهم الشباب

    اشتملت هذه الرسالة على أوصاف المؤمنين، وأسبابِِِِِ السعادة، والحث على شكر النعم، ومحاسبة النفس في القول والعمل، وعلى التنبيه على الأعمال المشروعة للمسلم في اليوم والليلة بإيجاز، وعلى ذكْر شيء من محاسن الدين الإسلامي، كما اشتملتْ على ذِكر أهمية الوقت في حياة المسلم، وحفظ الأوقات والاستفادة منها، وأهم ما يُشغل به الوقت، وعلى ذكر أهمية القراءة وفوائدها وقواعد المذاكرة السلمية، وعلى بيان دور المسلم في الحياة، ومقتضى العبودية لله، وحُكم السفر إلى بلاد الكفرة، والتحذير منه وبيان خطره، وعلى ذِكْر شيء من أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وموقف الإسلام مِن القلق، والحث على الالتزام بالمنهج الإلهي، وذِكْر شيء من المنجيات من عذاب الله، وآداب الأكل والشرب واللباس، إلى غير ذلك ممَّا اشتملتْ عليه من أحكام، وفتاوى، وفوائد.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/335001

    التحميل:

  • حديث: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان» وقفات وتأملات

    حديث: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان» وقفات وتأملات: هذا البحث تضمن شرح الحديث النبوي الرائع الذي يهتم بجانب الإيمان ومقتضياته، وأثره على السلوك الإنساني؛ من خلال فهم هذا الحديث ودراسته، واستنباط الأحكام القيمة، والدروس النافعة لكل مسلم، ولكل مستقيم على هذا الدين، ولكل من يريد رفعة درجاته وتكفير سيئاته، ولكل داعيةٍ يريد سلوك صراط الله تعالى.

    الناشر: شبكة السنة النبوية وعلومها www.alssunnah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330173

    التحميل:

  • انطلق بنا

    انطلق بنا: قال المصنف - حفظه الله -: «انطلق بنا نقلب كتب الحديث والتاريخ والسير والتراجم، انطلق بنا نعود قرونا مضت لنرى تاريخًا مضيئًا وأفعالاً مجيدة، خرجت من نفوس مليئة بالصدق والإيمان. انطلق بنا نجدد إيماننا، ونحيي هممنا، ونقوي عزائمنا. إنها وقفات سريعة ونماذج حية اخترتها بعناية وهي غيض من فيض وقليل من كثير.. فسجل الأمة تاريخ حافل مشرق مليء بالدر والآلئ يحتاج إلى من يقرأه وينظر إليه، ويتأمل فيه».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229617

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة