حينما يتعلق الأمر بعلاجات تساقط الشعر لا بد وأن نذكر المينوكسيديل. هذا الدواء وحتى وقت ما سبق، كان علاجا لارتفاع ضغط الدم، ومن محاسن الصدف أنه كان من بين آثاره الجانبية آنذاك الشعرانية؛ هذا الأمر الذي استُغل فيما بعد وجعل من المينوكسيديل دواء معتمدا لعلاج تساقط الشعر.
المعروف عن هذا الدواء أنه وفي بداية استخدامه يتسبب في المزيد من تساقط الشعر. “كيف لدواء يُستخدم بالأساس لعلاج تساقط الشعر أن يتسبب في المزيد من تساقطه؟” لعل هذه أحد أبرز التساؤلات التي تثير حيرة مستخدميه.
هذا ما يتمحور عليه مقالنا: لماذا يتساقط الشعر في بداية استخدام المينوكسيديل؟
كيف يعمل المينوكسيديل؟
قبل معرفة الجواب فيما يخص سبب تساقط الشعر في بداية استخدام المينوكسيديل، سيكون من الجيد التذكير بكيفية عمل المينوكسيديل .
لكن قبل ذلك لا بد من التنويه إلى أنه وحتى الآن لازالت طريقة عمل هذا الدواء غير مفهومة.
تبدأ تأثيرات المينوكسيديل من خلال توسيعه للأوعية عبر تنظيم عامل نمو بطانة الأوعية الدموية، مما يزيد من تدفق الدم، وينتج عن ذلك زيادة في الأكسجين وتوصيل عامل النمو إلى بصيلات الشعر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المينوكسيديل يؤدي إلى تنشيط قناة البوتاسيوم في بصيلات الشعر، ناهيك عن إطالة مرحلة التنامي وتقصير مرحلة التيلوجين.
بعد تطبيقه على فروة الرأس تعمل أنزيمات سلفو ترانسفيراز على تحويله إلى كبريتات المينوكسيديل.
كما تجدر الإشارة إلى أن الاختلافات في نشاط سلفو ترانسفيراز تعد من بين الأسباب لتجاوب بعض المرضى مع المينوكسيديل بشكل أفضل من الآخرين.
هذا ما يجب أن تعرفه عن مينوكسيديل 10%
صحيح أنه قد تمت الموافقة على أنواع مينوكسيديل 2% و 5% لعلاج الثعلبة الأندروجينية. لكن ومع ذلك، هناك تراكيز أخرى متوفرة في الوقت الراهن هي 10% و 12٫5%. لكن الدراسة التي بين أيدينا تتضمن مقارنة ما بين مينوكسيديل 5% ونظيره 10%.
ما خرجت به هذه الدراسة التي أجريت عام 2021، وعلى عكس المتوقع فقد كان مينوكسيديل 5% متفوقا على مينوكسيديل 10% في زيادة نمو الشعر.
فضلا عن أن التهيج والإجهاد النفسي قد تفاقم بعد استخدام مينوكسيديل 10% بالمقارنة مع 5%.
ماذا عن مينوكسيديل الفموي؟
مؤخرا سُلّط الضوء على مينوكسيديل الفموي لكن بجرعات منخفضة 0٫25 مغ و 5 مغ كعلاج لتساقط الشعر.
أُجريت عليه عدة دراسات وخلُصت إلى أنه علاج آمن وجيد التحمل، كما أنه ذو تأثيرات سلبية أقل وفقا لأكاديمية أطباء الجلد الأمريكية.
إذ عادة ما يظهر فرط الشعر كأحد آثاره الجانبية خلال الثلاثة أشهر الأولى من بداية استخدام المينوكسيديل الفموي، لكنه يكون خفيفا ويمكن التحكم فيه بسهولة من خلال تعديل الجرعة أو إزالة الشعر الزائد ولا يستلزم إيقاف العلاج.
هل يمكن اعتبار المينوكسيديل الفموي أفضل من الموضعي؟
وفقا للمصدر ذاته (أكاديمية أطباء الجلد) فإن المينوكسيديل الفموي بجرعة منخفضة يتفوق على مينوكسيديل الموضعي في 5 جوانب:
سهولة الاستخدام؛ إذ من السهل على المرضى ابتلاع حبة من هذا الدواء على تدليك فروة الرأس بالمحلول.
من الناحية التجميلية؛ تناول حبة مينوكسيديل لن يترك أي بقايا على جسم المريض، على عكس مينوكسيديل الموضعي الذي قد يُخلّف بقايا في المنطقة التي طُبّق عليها أو المحيطة بها.
التكلفة: من ناحية التكلفة يعتبر مينوكسيديل فموي أقل تكلفة مقارنة بالموضعي.
العلاج المشترك: يمكن للمينوكسيديل الفموي استخدامه بالتزامن مع أساليب العلاج الأخرى مثل ألياف الكيراتين.
الالتزام: سيكون من السهل على المرضى الالتزام بأخذ الدواء بالنظر لسهولة استخدامه، وعادة ما يكون الامتثال جيد جدا.
إلى جانب ما سبق، فإن وصف المينوكسيديل الفموي بجرعة منخفضة لجميع المشاكل المتعلقة بتساقط الشعر يساعد على تحسين سمك وحجم الشعر الكلي. كما أن المرضى يفضلون العلاج الفموي على الموضعي.
لكن ومع ذلك، يجب توضيح أننا لا نرجح كفة أي دواء على الآخر، كما أننا لا نشجع على أي منهما دون استشارة الطبيب.
يبقى الغرض فقط من ذكر هذه المعلومات هو الإلمام بمستجدات دواء مينوكسيديل.
ما هي مراحل نمو الشعر؟
الإجابة عن سؤال لماذا يتساقط الشعر في بداية استخدام المينوكسيديل؟ متعلق بمعرفة دورة نمو الشعر. لذا ينبغي أولا فهم المراحل التي يمر بها الشعر قبل نموه والتي يمكن تقسيمها إلى 3 مراحل:
- مرحلة التنامي (الأناجين).
- مرحلة التراجع.
- مرحلة الراحة (التيلوجين).
1.مرحلة الأناجين:
تعتبر مرحلة التنامي هي المرحلة النشطة من دورة نمو الشعر، حيث تأخذ فيها بصيلات الشعر شكلها الشبيه بالبصل. تعمل هذه المرحلة على إنتاج ألياف الشعر.
كما أنها تنقسم بدورها إلى مرحلتين:
مرحلة تتكاثر فيها بصيلات الشعر وتبدأ عملية التمايز، وتدعى هذه المرحلة ب Proanagen.
أما المرحلة الثانية فيظهر فيها جذع الشعر الجديد على سطح الجلد، للإشارة إلى بداية هذه المرحلة والتي تدعى Metanagen.
يُذكر بأن مرحلة التنامي ككل قد تستمر لعدة سنوات.
2.مرحلة التراجع:
تبدأ هذه المرحلة مع نهاية طور التنامي وتتميز بكونها مرحلة انتقائية يتباطأ فيها نمو الشعر. أما بالنسبة لمدة بقاء مرحلة التراجع عن النمو فمن الممكن أن تستمر بضعة أسابيع.
3.مرحلة التيلوجين
في هذه المرحلة تكون بصيلات الشعر نائمة، ولا يحدث أي نمو في جذع الشعرة.
كما أن حوالي 10% إلى 15% من جميع شعيرات الجسم تمر بمرحلة التيلوجين (أو مثلما تدعى أيضا بمرحلة الراحة) في أي وقت.كما يمكنها أن تدوم في هذه المرحلة لفترة زمنية متغيرة بحسب موقع الشعر، مثلا قد تدوم بضعة أسابيع بالنسبة للرموش، وما يقارب عام بالنسبة شعر فروة الرأس.
والآن ما هو سبب تساقط الشعر في بداية استخدام المينوكسيديل؟
يحفز المينوكسيديل بصيلات الشعر على التحول من مرحلة الراحة إلى مرحلة النمو.
مع ذلك، فإن هذه الزيادة المؤقتة في تساقط الشعر عند بداية استخدام المينوكسيديل لا تحدث مع جميع المرضى.
إذ يحدث هذا الأمر مع بعض الأشخاص فقط، حيث يدفع الشعر الجديد الشعر الأقدم للسقوط، وذلك عندما تتحول بصيلات الشعر إلى مرحلة النمو.
حتى أن الأمر شُبّه بفقدان الأطفال لأسنانهم لإفساح المجال لأسنان جدد. بمعنى آخر أن الشعر القديم يتساقط ليحل محله الشعر الجديد.
لكن يجب التوضيح إلى أن زيادة التساقط مؤقتة فقط، وينبغي أن تنتهي في غضون أسبوعين مع استمرار العلاج. فضلا عن ذلك، وإذا ما استمرت هذه الزيادة في التساقط لأكثر من أسبوعين يجب استشارة أخصائي الجلد لاستبعاد المشاكل الطبية الأخرى المحتملة.
أشياء مهمة قبل بداية استخدام المينوكسيديل
يجب الموازنة ما بين مخاطر وفوائد استخدام المينوكسيديل، لذا قبل بداية استخدام المينوكسيديل يجب مراعاة ما يلي:
1.الحساسية
يجب على المريض إخبار طبيبه إذا كان يعاني من أي رد فعل غير عادي، أو حساسية لهذا الدواء، أو أي دواء آخر.أيضا يجب إخبار الطبيب بأي نوع آخر من الحساسية يعانيها المريض مثلا حساسية تجاه:
- أطعمة معينة.
- صبغات الشعر.
- مواد حافظة.
- أو حتى من الحيوانات.
2.هل يمكن استخدام المينوكسيديل لدى الأطفال؟
في الحقيقة أنه لا توجد دراسات توضح العلاقة بين العمر وتأثيرات المينوكسيديل الموضعي على الأطفال.
3.كبار السن
لحد الآن لم تظهر الدراسات التي أجريت بهدف معرفة تأثير المينوكسيديل الموضعي على فئة كبار السن، أي مشاكل لدى هذه الفئة عند استخدامه.
ومع ذلك، فقد أظهرت دراسات أخرى أن الدواء يعمل بشكل أفضل مع المرضى الأصغر سنا، الذين لديهم تاريخ قصير مع تساقط الشعر.كما لم يتم دراسة المينوكسيديل في المرضى الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما.
4.الرضاعة الطبيعية
بالنسبة للرضاعة الطبيعية فإن الدراسات تشير إلى أن هذا الدواء يشكل خطرا ضئيلا عند استخدامه أثناء فترة الرضاعة.
5.تفاعلات الأدوية
في العادة لا ينبغي استخدام بعض الأدوية معا إطلاقا. لكن توجد حالات أخرى يمكن فيها استخدام دواءين مختلفين في آن واحد حتى في حالة حدوث تفاعل.
في مثل هذه الحالات قد يلجأ الطبيب إلى تغيير الجرعة أو اتخاذ احتياطات أخرى. لذا ينبغي للمريض أن يضع في حسبانه ضرورة إخبار طبيبه إذا كان يتناول أي دواء آخر بوصفة طبية أو بدون وصفة.
6.تفاعلات أخرى
في بعض الحالات توجد أدوية لا ينبغي تناولها في وقت الطعام، أو في وقت قريب من تناول الطعام، أو حتى تناول أنواع معينة من الطعام أثناء بداية استخدام الدواء.
كما يمكن أن يؤدي التدخين أثناء فترة استخدام بعض الأدوية إلى حدوث تفاعلات. على هذا الأساس يجب مناقشة استخدام المينوكسيديل مع الطعام أو التبغ مع الطبيب المختص.
7.مشاكل طبية أخرى
وجود مشاكل طبية أخرى بدوره قد يؤثر على استخدام المينوكسيديل. على المريض التأكد من إخبار طبيبه إن كان يعاني من أية مشاكل طبية على سبيل المثال:
تهيج، أو حروق شمس على فروة الرأس، أو أي مشاكل جلدية أخرى، لأن هذه الحالات قد تتسبب في امتصاص الكثير من المينوكسيديل الموضعي في الجسم مما يزيد من فرصة حدوث آثار جانبية.
- أمراض القلب.
- ارتفاع ضغط الدم.
صحيح أنه لم يتم دراسة تأثير المينوكسيديل الموضعي في المرضى الذين يعانون من هذه الحالات، لكن قد تحدث مشاكل أكثر خطورة لهؤلاء المرضى إذا استخدموا أدوية أكثر مما هو موصى به.
مثلا إذا طُبّق المينوكسيديل على مساحة كبيرة من فروة الرأس، قد يتسبب هذا الأمر في امتصاص الكثير من الدواء في الجسم مما قد يشكل خطورة على المريض.
هل توجد علامات تدل على أن المينوكسيديل يعمل بشكل جيد؟
من بين أبرز العلامات التي تدل على أن دواء مينوكسيديل يعمل بشكل جيد على بصيلات الشعر، هي زيادة تساقط الشعر خلال الأسابيع القليلة الأولى من بداية استخدام المينوكسيديل.
هذه علامة جيدة تدل على أن دورة نمو الشعر الجديدة قد بدأت، والشعر الأقدم الذي فقده المريض بدأ يفسح المجال لشعر صحي جديد.
هذا أمر يدل على أن مينوكسيديل يحفز بالفعل إعادة النمو، إلا أن النتائج تبقى تختلف من شخص لآخر.
ما الفرق بين المينوكسيديل رغوة والمينوكسيديل المحلول؟
يكمن الفرق بين المينوكسيديل الرغوة والآخر المحلول في كيفية تطبيقه. حيث أن المينوكسيديل الرغوة يتم تدليكه برفق في فروة الرأس، على عكس المينوكسيديل المحلول الذي يُستخدم فيه قطارة لتطبيقه على المنطقة التي تعاني من تساقط الشعر فقط.
هل يجب استخدام نوع معين من الشامبو عند استخدام المينوكسيديل؟
يمكن اتباع الروتين المعتاد للعناية بالشعر عند استخدام المينوكسيديل. لكن إذا كانت فروة الرأس جافة ومتقشرة، يستحسن استخدام شامبو لطيف.
كما لا ينصح باستخدام الأدوية الموضعية أثناء استخدام المينوكسيديل!
يمكن القول إذن أن تساقط الشعر عند بداية استخدام المينوكسيديل ليس أمرا مثيرا للقلق، بل على العكس هذا يعتبر مؤشرا جيدا على أن الدواء قد بدأ مفعوله وأن الشعر الجديد في طور النمو. لكن بشرط ألا يستمر هذا التساقط مدة تتجاوز الأسبوعين، لأنه إذا إستمر يجب التحدث إلى الطبيب المختص.
مصادر:
- AAD, By Warren R. Heymann, MD, FAAD , 2022, COMING FULL CIRCLE (ALMOST): LOW DOSE ORAL MINOXIDIL FOR ALOPECIA
- Soheir Ghonemy, Abeer Alarawi, Hagar Bessar, 2019, Efficacy and safety of a new 10% topical minoxidil versus 5% topical minoxidil and placebo in the treatment of male androgenetic alopecia: a trichoscopic evaluation
- Ezra Hoover; Mandy Alhajj; Jose L. Flores, 2023, Physiology, Hair
- rogaine
- mayoclinic, 2023, Minoxidil (Topical Route)