Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 159

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) (الأنعام) mp3
قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله " إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا " وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُود وَالنَّصَارَى اِخْتَلَفُوا قَبْل مَبْعَث مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَفَرَّقُوا فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ" إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْت مِنْهُمْ فِي شَيْء " الْآيَة وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عُمَر السَّكُونِيّ حَدَّثَنَا بَقِيَّة بْن الْوَلِيد كَتَبَ إِلَى عَبَّاد بْن كَثِير حَدَّثَنِي لَيْث عَنْ طَاوُس عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَة " إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْت مِنْهُمْ فِي شَيْء " وَلَيْسُوا مِنْك هُمْ أَهْل الْبِدَع وَأَهْل الشُّبُهَات وَأَهْل الضَّلَالَة مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة . لَكِنْ هَذَا إِسْنَاد لَا يَصِحّ فَإِنَّ عَبَّاد بْن كَثِير مَتْرُوك الْحَدِيث وَلَمْ يَخْتَلِق هَذَا الْحَدِيث وَلَكِنَّهُ وَهَمَ فِي رَفْعه فَإِنَّهُ رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ لَيْث وَهُوَ اِبْن أَبِي سُلَيْم عَنْ طَاوُس عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي الْآيَة أَنَّهُ قَالَ نَزَلَتْ فِي هَذِهِ الْأُمَّة وَقَالَ أَبُو غَالِب عَنْ أَبِي أُمَامَة فِي قَوْله " وَكَانُوا شِيَعًا " قَالَ هُمْ الْخَوَارِج وَرَوَى عَنْهُ مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحّ وَقَالَ شُعْبَة عَنْ مُجَالِد عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ شُرَيْح عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا " إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا " قَالَ : هُمْ أَصْحَاب الْبِدَع . وَهَذَا رَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيْهِ وَهُوَ غَرِيب أَيْضًا وَلَا يَصِحّ رَفْعه وَالظَّاهِر أَنَّ الْآيَة عَامَّة فِي كُلّ مَنْ فَارَقَ دِين اللَّه وَكَانَ مُخَالِفًا لَهُ فَإِنَّ اللَّه بَعَثَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه وَشَرْعه وَاحِد لَا اِخْتِلَاف فِيهِ وَلَا اِفْتِرَاق فَمَنْ اِخْتَلَفَ فِيهِ وَكَانُوا شِيَعًا أَيْ فِرَقًا كَأَهْلِ الْمِلَل وَالنِّحَل وَالْأَهْوَاء وَالضَّلَالَات فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ بَرَّأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا هُمْ فِيهِ وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَاَلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك " الْآيَة . وَفِي الْحَدِيث نَحْنُ مَعَاشِر الْأَنْبِيَاء أَوْلَاد عَلَّات دِيننَا وَاحِد فَهَذَا هُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم وَهُوَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُل مِنْ عِبَادَة اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَالتَّمَسُّك بِشَرِيعَةِ الرَّسُول الْمُتَأَخِّر وَمَا خَالَفَ ذَلِكَ فَضَلَالَات وَجَهَالَات وَآرَاء وَأَهْوَاء وَالرُّسُل بُرَآء مِنْهَا كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " لَسْت مِنْهُمْ فِي شَيْء " وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّمَا أَمْرهمْ إِلَى اللَّه ثُمَّ يُنَبِّئهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" كَقَوْلِهِ تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَاَلَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّه يَفْصِل بَيْنهمْ يَوْم الْقِيَامَة " الْآيَة . ثُمَّ بَيَّنَ لُطْفه سُبْحَانه فِي حُكْمه وَعَدْله يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ تَعَالَى .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب

    قال المؤلف: أما بعد: فهذه رسالة في «إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب، والتبرج، والسفور، وخلوة الأجنبي بالمرأة، وسفر المرأة بدون محرم، والاختلاط»، وقد قسمتها إلى مباحث على النحو الآتي: المبحث الأول: الحجاب. المبحث الثاني: التبرج. المبحث الثالث: السفور. المبحث الرابع: الخلوة بالمرأة. المبحث الخامس: سفر المرأة بدون محرم. المبحث السادس: شبه دعاة السفور، والرد عليها. المبحث السابع: الفتاوى المحققة المعتمدة في الحجاب والسفور. المبحث الثامن: الاختلاط.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364920

    التحميل:

  • مجمل اعتقاد أئمة السلف

    مجمل اعتقاد أئمة السلف : فإِن المُتَتبع لما أُثِر عن سلفنا الصالح في أصول الدين، يجد اتفاقًا في جُلِّ مسائِله، ويجد اعتناءً خاصا بقضايا العقيدة، واهتمامًا بها في التعليم والتوجيه والدعوة على خلاف ما نراه اليوم في كثير من بلاد العالم الإِسلامي، مما أحدث شيئًا من الاختلاف والتَّخبّطِ لدى بعض الجماعات والطوائف الإِسلامية، وفي هذه الرسالة مجمل لاعتقادهم مجموعة من أقوالهم، مقدمًا لهذه النصوص بمقدمةٍ عن أهمية توحيد الله في رُبوبيَّتِه، وألوهيَّته، وأسمائه، وصفاته، وكيف بَيَّن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ذلك أتمَّ بيانٍ وأكمله، وكيف خدم علماءُ المسلمين جيلًا بعد جيلٍ العقيدةَ الإِسلامية، وأثر ذلك في مجتمعاتهم إِلى وقتنا الحاضر.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144879

    التحميل:

  • المُهذَّب في القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر

    المُهذَّب في القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «لما رأيتُ حاجةَ طلاب (القسم الثانوي) من معهد القراءات ماسَّة إلى كتاب يتضمَّن القراءات العشر الكُبرى على ما في طيِّبة النشر للإمام محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف المعروف بابن الجزريِّ الشافعيِّ المولود سنة 751 هـ، والمُتوفَّى سنة 833 هـ. يستطيعُ الطالبُ يمعونتهِ إعداد درسهِ؛ حيث لم تُوجَد كتب مطبوعة ولا مخطوطة سلَكَت هذا المنهج ويسَّرت سبيله لطلاب العلم، وضعتُ هذا الكتاب .. وقد ذكرتُ أوله عدة قواعد كلية تتعلَّق ببعضِ الأصولِ التي يكثُر ذكرَها في القرآن الكريم مثل: ميم الجمع، وهاء الكناية، والمدود، والنقل، والسكت، وبعض أحكام النون الساكنة والتنوين».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384391

    التحميل:

  • خطب مختارة

    خطب مختارة : اختيار وكالة شؤون المطبوعات والنشر بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. قدم لها معالي الشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي - حفظه الله - وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد سابقاً.

    الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/142667

    التحميل:

  • الأسرة السعيدة في ظل تعاليم الإسلام

    الأسرة السعيدة في ظل تعاليم الإسلام: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «.. حديثي هنا عن المنهجِ الذي رسَمَه لنا دُستورُنا الإسلاميُّ الحنيفُ عن نظامِ «الأسرة المسلمة السعيدة» في ضوء الكتاب والسنة؛ وذلك لأن الأسرة هي الأمة الصغيرة للمجتمع الكبير، فإذا ما صلحت صلُح المجتمعُ كلُّه، وإذا ما فسَدَت فسدَ المُجتمع أيضًا؛ إذ الأسرةُ مثلَها في ذلك مثل القلبِ بالنسبةِ للإنسان. فمن الأسرة تعلّم الإنسان أفضلَ أخلاقه الاجتماعية، ومنها: تعلُّم الرأفة، والمحبَّة، والحَنان. إذًا فلا بُدَّ أن يكون هناك نظامٌ قائمٌ على الحبِّ، والعطفِ، والتراحُمِ، والتعاوُنِ بين أفراد الأسرة الواحِدة حتى تظلَّ مُتماسِكة فيما بينها، وأفضل نظام في ذلك هو ما تضمَّنَته تعاليمُ الإسلام. وقد رأيتُ أن أُضمِّن كتابي هذا بعضَ الأُسس المُستمدَّة من تعاليم الإسلام، وسمَّيتُه: «الأسرة السعيدة في ظل تعاليم الإسلام»؛ رجاء أن تكون هذه الأُسس نورًا تسيرُ عليه الأسرة المسلمة لتسعَد في حياتها وآخرتها».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384407

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة