Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النساء - الآية 141

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) (النساء) mp3
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ يَتَرَبَّصُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ دَوَائِر السُّوء بِمَعْنَى يَنْتَظِرُونَ زَوَال دَوْلَتهمْ وَظُهُور الْكَفَرَة عَلَيْهِمْ وَذَهَاب مِلَّتهمْ " فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْح مِنْ اللَّه " أَيْ نَصْر وَتَأْيِيد وَظَفَر وَغَنِيمَة " قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ " أَيْ يَتَوَدَّدُونَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْمَقَالَة " وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيب أَيْ إِدَالَة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ " فِي بَعْض الْأَحْيَان كَمَا وَقَعَ يَوْم أُحُد فَإِنَّ الرُّسُل تُبْتَلَى ثُمَّ يَكُون لَهَا الْعَافِيَة قَالُوا " أَلَمْ نَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ" أَيْ سَاعَدْنَاكُمْ فِي الْبَاطِن وَمَا أَلَوْنَاهُمْ خَبَالًا وَتَخْذِيلًا حَتَّى اِنْتَصَرْتُمْ عَلَيْهِمْ وَقَالَ السُّدِّيّ : نَسْتَحْوِذ عَلَيْكُمْ نَغْلِب عَلَيْكُمْ كَقَوْلِهِ اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَان وَهَذَا أَيْضًا تَوَدُّد مِنْهُمْ إِلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُصَانِعُونَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ لِيَحْظَوْا عِنْدهمْ وَيَأْمَنُوا كَيْدهمْ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِضَعْفِ إِيمَانهمْ وَقِلَّة إِيقَانهمْ . قَالَ تَعَالَى " فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة " أَيْ بِمَا يَعْلَمهُ مِنْكُمْ أَيّهَا الْمُنَافِقُونَ مِنْ الْبَوَاطِن الرَّدِيئَة فَلَا تَغْتَرُّوا بِجَرَيَانِ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة عَلَيْكُمْ ظَاهِرًا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة فَيَوْم الْقِيَامَة لَا تَنْفَعكُمْ ظَوَاهِركُمْ بَلْ هُوَ يَوْم تُبْلَى فِيهِ السَّرَائِر وَيُحَصَّل مَا فِي الصُّدُور وَقَوْله " وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " قَالَ عَبْد الرَّزَّاق : أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيّ عَنْ الْأَعْمَش عَنْ ذَرّ عَنْ سَبِيع الْكِنْدِيّ قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فَقَالَ كَيْف هَذِهِ الْآيَة " وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " فَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ اُدْنُهُ اُدْنُهُ فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة " وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ". وَكَذَا رَوَى اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا قَالَ ذَاكَ يَوْم الْقِيَامَة . وَكَذَا رَوَى السُّدِّيّ عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْجَعِيّ يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة. وَقَالَ السُّدِّيّ : سَبِيلًا أَيْ حُجَّة وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى " وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " أَيْ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يُسَلَّطُوا عَلَيْهِمْ اِسْتِيلَاء اِسْتِئْصَال بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ ظَفَر فِي بَعْض الْأَحْيَان عَلَى بَعْض النَّاس فَإِنَّ الْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَمَا قَالَ تَعَالَى إِنَّا لَنَنْصُر رُسُلنَا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا الْآيَة وَعَلَى هَذَا فَيَكُون رَدًّا عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِيمَا أَمْلَوْهُ وَرَجَوْهُ وَانْتَظَرُوهُ مِنْ زَوَال دَوْلَة الْمُؤْمِنِينَ وَفِيمَا سَلَكُوهُ مِنْ مُصَانَعَتهمْ الْكَافِرِينَ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسهمْ مِنْهُمْ إِذَا هُمْ ظَهَرُوا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَاسْتَأْصَلُوهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض يُسَارِعُونَ فِيهِمْ - إِلَى قَوْله - نَادِمِينَ " وَقَدْ اِسْتَدَلَّ كَثِير مِنْ الْعُلَمَاء بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة عَلَى أَصَحّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاء وَهُوَ الْمَنْع مِنْ بَيْع الْعَبْد الْمُسْلِم لِلْكَافِرِ لِمَا فِي صِحَّة اِبْتِيَاعه مِنْ التَّسْلِيط لَهُ عَلَيْهِ وَالْإِذْلَال وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ بِالصِّحَّةِ يَأْمُرهُ بِإِزَالَةِ مِلْكه عَنْهُ فِي الْحَال لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مشكل إعراب القرآن

    مشكل إعراب القرآن : انتخبت من الآيات [المشكل] منها، وهو الذي قد تغمض معرفة إعرابه وإدراك توجيهه، أو يخالف في الظاهر قواعد النحاة ، ولكنه لدى التأمل والتحقيق يظهر لنا موافقتها.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141391

    التحميل:

  • عقوق الوالدين .. أسبابه - مظاهره - سبل العلاج

    عقوق الوالدين : إن بر الوالدين مما أقرته الفطر السوية، واتفقت عليه الشرائع السماوية، وهو خلق الأنبياء، ودأب الصالحين، كما أنه دليل على صدق الإيمان، وكرم النفس، وحسن الوفاء. وبر الوالدين من محاسن الشريعة الإسلامية؛ ذلك أنه اعتراف بالجميل، وحفظ للفضل، وعنوان على كمال الشريعة، وإحاطتها بكافة الحقوق. ويحتوي هذا الكتاب على الأمور الآتية: تعريف العقوق، من مظاهر عقوق الوالدين، نماذج من قصص العقوق، أسباب العقوق، سبل العلاج، تعريف البر بالوالدين، الآداب التي تراعى مع الوالدين، الأمور المعينة على البر، بين الزوجة والوالدين، نماذج من قصص البر.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117068

    التحميل:

  • الأثر التربوي للمسجد

    الأثر التربوي للمسجد : إن دور المسجد في الواقع جزء متكامل مع أدوار المؤسسات الأخرى في المجتمع، فتنطلق منه لتمارس أنشطتها من خلاله مغزولة ومتداخلة في النسيج الذي يكون حياة المجتمع، وهذه المحاضرة توضح أثرًا من آثار المسجد المباركة.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144873

    التحميل:

  • أكثر من ألف سنة في اليوم والليلة

    كتيب مفيد يحوي ألف سنة من سنن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في المواقف المختلفة: عند الاستيقاظ، الذهاب إلى الخلاء، الوضوء، التسوك، ارتداء الحذاء والملابس، الدخول والخروج، الذهاب للمسجد، الأذان والإقامة، صلاة الليل، بالإضافة إلى سنن ما بعد الصلاة.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/332494

    التحميل:

  • عباقرة ولكن

    عباقرة ولكن : كتاب مفيد يحتوي على تحذيرات من بعض الخرافات والبدع.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/286917

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة