ماجد محمد
مؤسس الموقع
- إنضم
- 11 أبريل 2010
- المشاركات
- 2,930
- مستوى التفاعل
- 5
- النقاط
- 38
أحكام زراعة الشعر وإزالته إعــــداد د. سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس فـي كلية الشريعـــــة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
بحث مقدم إلى ندوة (العمليات التجميلية بين الشرع والطب) التي تقيمها إدارة التوعية الدينية بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض فـي المدة من 11 ـــ 12 ذي القعدة 1427هـ الموافق 2 ـــ 3 ديسمبر 2006م
مقدمـة البحث
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. وبعد:
فإن الله تعالى قد خلق الإنسان فـي أحسن تقويم، وأباح له التجمل والتزين (إن الله جميل يحب الجمال) ولكن وفق ضوابط معينة، ومما يدخل فـي زينة الإنسان فـي الجملة: الشعر، ولذا فإن عدم نباته يُعدَّ عيباً فـي الإنسان.
وقد تقدم الطب فـي الوقت الحاضر تقدماً هائلاً وأصبح بالإمكان زراعة الشعر فـي أي موضع من الجسم، كما أنه بالإمكان استئصال الشعر من أي موضع من الجسم، وهذه الزراعة وهذا الاستئصال تتعلق بهما أحكام شرعية فأحببت أن أكتب بحثاً فـي أحكام "زراعة الشعر وإزالته" وما يتعلق بهما من مسائل بطلب من إدارة التوعية الدينية بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض ضمن البحوث المقدمة لندوة (العمليات التجميلية بين الشرع والطب).
وقد جعلتُ هذا البحث فـي أربعة مباحث وخاتمة على النحو الآتي:
المبحث الأول: حقيقة وصل الشعر والحكمة من النهي عنه.
المبحث الثاني: حكم زراعة الشعر والفرق بينها وبين الوصل المحرم.
المبحث الثالث: حكم إزالة الشعر بالطرق التقليدية.
المبحث الرابع: حكم إزالة الشعر بالتقنيات الطبية الحديثة.
خاتمة البحث وتتضمن أهم نتائج البحث.
وقد سلكت فـي إعداد هذا البحث منهجاً أصور فـيه المسألة إن كانت تحتاج إلى تصوير ثم أذكر حكمها الشرعي مقروناً بالأدلة من الكتاب والسنة وبكلام أهل العلم، وإذا كانت المسألة خلافـية فأذكر الآراء فـي المسألة وأدلة كل رأي ومناقشة ما يمكن مناقشته منها ثم أبين القول الراجح منها مع ذكر سبب الترجيح.
وأخرج الأحاديث الواردة فـي البحث من مصادرها، فإن كان الحديث فـي الصحيحين فأكتفـي بالعزو إليه وإلا خرجته من كتب السنن والمسانيد مبيناً آراء المحدثين فـي درجته.
وإذا كانت المسألة المراد بحثها طبية فأذكر حقيقتها الطبية وكلام الأطباء حولها مع التوثيق من كتب الطب قبل الدخول فـي بيان أحكامها الشرعية.
وبعد:
فموضوع هذا البحث كبير ومهم، ولا أزعم أنني قد استقصيتُ جميع جوانبه لكن حسبي أني أبرزت أهم جوانبه، ولعل ما كتبت يصلح لأن يكون نواة لبحوث أوسع.
والله أسأل الله أن يبارك فـي الجهود ويسدد الخطى ،،،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
د/ سعد بن تركي الخثلان
بحث مقدم إلى ندوة (العمليات التجميلية بين الشرع والطب) التي تقيمها إدارة التوعية الدينية بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض فـي المدة من 11 ـــ 12 ذي القعدة 1427هـ الموافق 2 ـــ 3 ديسمبر 2006م
مقدمـة البحث
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. وبعد:
فإن الله تعالى قد خلق الإنسان فـي أحسن تقويم، وأباح له التجمل والتزين (إن الله جميل يحب الجمال) ولكن وفق ضوابط معينة، ومما يدخل فـي زينة الإنسان فـي الجملة: الشعر، ولذا فإن عدم نباته يُعدَّ عيباً فـي الإنسان.
وقد تقدم الطب فـي الوقت الحاضر تقدماً هائلاً وأصبح بالإمكان زراعة الشعر فـي أي موضع من الجسم، كما أنه بالإمكان استئصال الشعر من أي موضع من الجسم، وهذه الزراعة وهذا الاستئصال تتعلق بهما أحكام شرعية فأحببت أن أكتب بحثاً فـي أحكام "زراعة الشعر وإزالته" وما يتعلق بهما من مسائل بطلب من إدارة التوعية الدينية بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض ضمن البحوث المقدمة لندوة (العمليات التجميلية بين الشرع والطب).
وقد جعلتُ هذا البحث فـي أربعة مباحث وخاتمة على النحو الآتي:
المبحث الأول: حقيقة وصل الشعر والحكمة من النهي عنه.
المبحث الثاني: حكم زراعة الشعر والفرق بينها وبين الوصل المحرم.
المبحث الثالث: حكم إزالة الشعر بالطرق التقليدية.
المبحث الرابع: حكم إزالة الشعر بالتقنيات الطبية الحديثة.
خاتمة البحث وتتضمن أهم نتائج البحث.
وقد سلكت فـي إعداد هذا البحث منهجاً أصور فـيه المسألة إن كانت تحتاج إلى تصوير ثم أذكر حكمها الشرعي مقروناً بالأدلة من الكتاب والسنة وبكلام أهل العلم، وإذا كانت المسألة خلافـية فأذكر الآراء فـي المسألة وأدلة كل رأي ومناقشة ما يمكن مناقشته منها ثم أبين القول الراجح منها مع ذكر سبب الترجيح.
وأخرج الأحاديث الواردة فـي البحث من مصادرها، فإن كان الحديث فـي الصحيحين فأكتفـي بالعزو إليه وإلا خرجته من كتب السنن والمسانيد مبيناً آراء المحدثين فـي درجته.
وإذا كانت المسألة المراد بحثها طبية فأذكر حقيقتها الطبية وكلام الأطباء حولها مع التوثيق من كتب الطب قبل الدخول فـي بيان أحكامها الشرعية.
وبعد:
فموضوع هذا البحث كبير ومهم، ولا أزعم أنني قد استقصيتُ جميع جوانبه لكن حسبي أني أبرزت أهم جوانبه، ولعل ما كتبت يصلح لأن يكون نواة لبحوث أوسع.
والله أسأل الله أن يبارك فـي الجهود ويسدد الخطى ،،،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
د/ سعد بن تركي الخثلان
المبحث الأول
حقيقة وصل الشعر والحكمة من النهي عنه
اتفق العلماء على تحريم وصل الشعر فـي الجملة([1]) واستدلوا لذلك بالأحاديث التي فـيها النهي عن الوصل ولعن فاعله ومنها:
1-ما جاء فـي الصحيحين([2]) من ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة).
2-ما جاء فـي الصحيحين([3]) من عائشة رضي الله عنها أن امرأةً من الأنصار زوجت ابنة لها فمرضت وتساقط شعرها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أنكحت ابنتي فاشتكت فتساقط شعرها أفاصل شعرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله الواصلة والمستوصلة). وفـي رواية لمسلم([4]) عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن لي ابنة عُرَيَّساً أصابتها حصبة فتمرق شعرها أفاصله، فقال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة).
3-من جاء فـي الصحيحين([5]) عن سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية المدينة فحطبنا وأخرج كُبَّة من شعر فقال: ما كنتَ أرى أن أحداً يفعله إلا اليهود إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه الزور، وفـي رواية أخرى([6]) أنه قال: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا ويقول: (إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم).
وقد اختلف العلماء فـي المعنى الذي لأجله حرم الوصل، فذهب بعض العلماء إلى أن المعنى هو: تغيير خلق الله.
وإليه ذهب المالكية([7]) والظاهرية([8]) واستدلوا بقول الله تعالى عن الشيطان [ولأُضِلَّنَّهُمْ ولآمَنِّيَنَّهُمْ ولأَمُرَنَّهُم فليُبَتِّكُنَّ آذانَ الأنعامِ ولآمُرَنَّهم فليُغيِّرُنَّ خلْقَ اللهِ][9]).
واستدلوا كذلك بحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) ([10]).
وذهب بعض العلماء إلى أن المعنى الذي لأجله حرم الوصل هو الانتفاع بجزء من الآدمي وإليه ذهب الحنفـية([11]).
وعللوا ذلك بأن الانتفاع بجزء من الآدمي امتهان من كرامته فلا يجوز([12]).
وذهب جمهور العلماء إلى أن المعنى الذي لأجله حرم الوصل هو التدليس والغش.
وإليه ذهب الشافعية([13]) والحنابلة([14]).
واستدلوا لذلك بما جاء فـي الصحيحين([15]) عن سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية المدينة آخر قدمة قدمها فخطبنا فأخرج كبّة من شعر قال: ما كنتُ أرى أحداً يفعل هذا غير اليهود إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور يعني: الواصلة فـي الشعر.
والشاهد منه قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور ففـيه إشارة إلى علة النهي عن الوصل وهي ما فـيه من الزور والغش والتدليس.
وهذا القول الأخير هو الراجح ــ والله أعلم ــ لقوة ما استدلوا به فإن تسمية النبي صلى الله عليه وسلم له زوراً كالنص فـي علة النهي.
وأما ما استدل به أصحاب القول الأول من الآية فإن هذا الاستدلال خارج محل النزاع إذ أن الآية إنما جاء فـيها الحديث عن تغيير الخلقة وهذا يكون بالجرح والتشويه كما فـي تبتيك آذان الأنعام والوشم وغير ذلك، والوصل غير داخل فـي ذلك.
وأما حديث ابن مسعود فليس فـيه ذكر للوصل وإنما جاء فـي سياق النهي عن الوشم والتفلج والنمص، وهذه الأمور تغيير الخلقة فـيها ظاهر بخلاف الوصل.
وأما ما علل به أصحاب القول الثاني بأن علة النهي عن الوصل أن فـيه امتهاناً لكرامة الآدمي فهذه دعوى ليس عليها دليل وقد دلّ الدليل بأن علة النهي هي ما فـيه من التزوير.
وبناءً على ترجيح هذا القول فإن وصل شعر المرأة بشعر آدمي محرم باتفاق العلماء، قال النووي رحمه الله: "إن وصلت المرأة شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف، سواء كان شعر رجل أو امرأة لعموم الأحاديث ولأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي وسائر أجزائه لكرامته، بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه" ا. هـ([16]).
أما إذا كان الوصل بغير شعر الآدمي فإن كان الموصول به لا يشبه الشعر الطبيعي بحيث يدرك الناظر إليه لأول وهلة أنه غير طبيعي فلا يحرم الوصل سواء أ كان شعراً أم صوفاً أم وبراً أم قرامل([17])، وذلك لعدم تضمنه علة التحريم وهي التدليس، أما إن كان الموصول بشعر المرأة يشبه الشعر الطبيعي حتى يظن الناظر إليه أنه شعر طبيعي فـيحرم الوصل سواء أكان شعراً أم صوفاً أم وبراً أم خيوطاً صناعية أم غير ذلك، لأنه علة تحريم الوصل قد تحققت فـيه([18]).
المبحث الثاني
حكم زراعة الشعر والفرق بينها بين الوصل المحرم
تجري عملية زرع الشعر لمن يعاني من الصلع وسقوط شعر الرأس والحاجبين والأهداب واللحية والشارب وربما مناطق أخرى من الجسم.
ونقوم هذه الطريقة على أخذ شريحة من جلد فروة الرأس الذي يحتوي على شعر وزرعها فـي المكان الخالي، وفـيما يلي تفصيل إجراء هذه العملية الجراحية:
1-تُجرى العملية تحت التخدير الموضعي بحيث لا يحس المريض بأي ألم، وفـي الوقت نفسه يكون واعياً بما يجرى حوله.
2-يتم تحديد المنطقة المانحة (التي يؤخذ منها الشعر) خلف الرأس، وعادة ما تكون بعرض 1 سم وطول 15 سم.
3-تُسْتأصل شريحة من مؤخرة حس فروة الرأس بحيث تحتوي على كمية وافرة من بصيلات الشعر.
4-تُقفل فروة الرأس باستخدام خيوط أو دبابيس جراحية، وتلتئم بسرعة، ويختفـي أثر العملية بعد عدة أشهر.
5-تُقطَّع الشريحة إلى قطع صغيرة، ثم إلى بصيلات شعر عديدة.
6-يتم إحداث عدة ثقوب صغيرة جداً باستخدام إبرة رفـيعة فـي المنطقة التي يحددها الجراح لزراعة
يتبع
.
.
حقيقة وصل الشعر والحكمة من النهي عنه
اتفق العلماء على تحريم وصل الشعر فـي الجملة([1]) واستدلوا لذلك بالأحاديث التي فـيها النهي عن الوصل ولعن فاعله ومنها:
1-ما جاء فـي الصحيحين([2]) من ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة).
2-ما جاء فـي الصحيحين([3]) من عائشة رضي الله عنها أن امرأةً من الأنصار زوجت ابنة لها فمرضت وتساقط شعرها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أنكحت ابنتي فاشتكت فتساقط شعرها أفاصل شعرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله الواصلة والمستوصلة). وفـي رواية لمسلم([4]) عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن لي ابنة عُرَيَّساً أصابتها حصبة فتمرق شعرها أفاصله، فقال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة).
3-من جاء فـي الصحيحين([5]) عن سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية المدينة فحطبنا وأخرج كُبَّة من شعر فقال: ما كنتَ أرى أن أحداً يفعله إلا اليهود إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه الزور، وفـي رواية أخرى([6]) أنه قال: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا ويقول: (إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم).
وقد اختلف العلماء فـي المعنى الذي لأجله حرم الوصل، فذهب بعض العلماء إلى أن المعنى هو: تغيير خلق الله.
وإليه ذهب المالكية([7]) والظاهرية([8]) واستدلوا بقول الله تعالى عن الشيطان [ولأُضِلَّنَّهُمْ ولآمَنِّيَنَّهُمْ ولأَمُرَنَّهُم فليُبَتِّكُنَّ آذانَ الأنعامِ ولآمُرَنَّهم فليُغيِّرُنَّ خلْقَ اللهِ][9]).
واستدلوا كذلك بحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) ([10]).
وذهب بعض العلماء إلى أن المعنى الذي لأجله حرم الوصل هو الانتفاع بجزء من الآدمي وإليه ذهب الحنفـية([11]).
وعللوا ذلك بأن الانتفاع بجزء من الآدمي امتهان من كرامته فلا يجوز([12]).
وذهب جمهور العلماء إلى أن المعنى الذي لأجله حرم الوصل هو التدليس والغش.
وإليه ذهب الشافعية([13]) والحنابلة([14]).
واستدلوا لذلك بما جاء فـي الصحيحين([15]) عن سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية المدينة آخر قدمة قدمها فخطبنا فأخرج كبّة من شعر قال: ما كنتُ أرى أحداً يفعل هذا غير اليهود إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور يعني: الواصلة فـي الشعر.
والشاهد منه قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور ففـيه إشارة إلى علة النهي عن الوصل وهي ما فـيه من الزور والغش والتدليس.
وهذا القول الأخير هو الراجح ــ والله أعلم ــ لقوة ما استدلوا به فإن تسمية النبي صلى الله عليه وسلم له زوراً كالنص فـي علة النهي.
وأما ما استدل به أصحاب القول الأول من الآية فإن هذا الاستدلال خارج محل النزاع إذ أن الآية إنما جاء فـيها الحديث عن تغيير الخلقة وهذا يكون بالجرح والتشويه كما فـي تبتيك آذان الأنعام والوشم وغير ذلك، والوصل غير داخل فـي ذلك.
وأما حديث ابن مسعود فليس فـيه ذكر للوصل وإنما جاء فـي سياق النهي عن الوشم والتفلج والنمص، وهذه الأمور تغيير الخلقة فـيها ظاهر بخلاف الوصل.
وأما ما علل به أصحاب القول الثاني بأن علة النهي عن الوصل أن فـيه امتهاناً لكرامة الآدمي فهذه دعوى ليس عليها دليل وقد دلّ الدليل بأن علة النهي هي ما فـيه من التزوير.
وبناءً على ترجيح هذا القول فإن وصل شعر المرأة بشعر آدمي محرم باتفاق العلماء، قال النووي رحمه الله: "إن وصلت المرأة شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف، سواء كان شعر رجل أو امرأة لعموم الأحاديث ولأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي وسائر أجزائه لكرامته، بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه" ا. هـ([16]).
أما إذا كان الوصل بغير شعر الآدمي فإن كان الموصول به لا يشبه الشعر الطبيعي بحيث يدرك الناظر إليه لأول وهلة أنه غير طبيعي فلا يحرم الوصل سواء أ كان شعراً أم صوفاً أم وبراً أم قرامل([17])، وذلك لعدم تضمنه علة التحريم وهي التدليس، أما إن كان الموصول بشعر المرأة يشبه الشعر الطبيعي حتى يظن الناظر إليه أنه شعر طبيعي فـيحرم الوصل سواء أكان شعراً أم صوفاً أم وبراً أم خيوطاً صناعية أم غير ذلك، لأنه علة تحريم الوصل قد تحققت فـيه([18]).
المبحث الثاني
حكم زراعة الشعر والفرق بينها بين الوصل المحرم
تجري عملية زرع الشعر لمن يعاني من الصلع وسقوط شعر الرأس والحاجبين والأهداب واللحية والشارب وربما مناطق أخرى من الجسم.
ونقوم هذه الطريقة على أخذ شريحة من جلد فروة الرأس الذي يحتوي على شعر وزرعها فـي المكان الخالي، وفـيما يلي تفصيل إجراء هذه العملية الجراحية:
1-تُجرى العملية تحت التخدير الموضعي بحيث لا يحس المريض بأي ألم، وفـي الوقت نفسه يكون واعياً بما يجرى حوله.
2-يتم تحديد المنطقة المانحة (التي يؤخذ منها الشعر) خلف الرأس، وعادة ما تكون بعرض 1 سم وطول 15 سم.
3-تُسْتأصل شريحة من مؤخرة حس فروة الرأس بحيث تحتوي على كمية وافرة من بصيلات الشعر.
4-تُقفل فروة الرأس باستخدام خيوط أو دبابيس جراحية، وتلتئم بسرعة، ويختفـي أثر العملية بعد عدة أشهر.
5-تُقطَّع الشريحة إلى قطع صغيرة، ثم إلى بصيلات شعر عديدة.
6-يتم إحداث عدة ثقوب صغيرة جداً باستخدام إبرة رفـيعة فـي المنطقة التي يحددها الجراح لزراعة
يتبع
.
.